هذه الصورة الأولى: وقعت في السلف الأول في زمن الصحابة الكرام، لكن القلوب منورة والصدور منشرحة، والعقول زكية ذكية، فما حصل من جرَّاء هذا الخلاف أي مشكلة ردية، استمع بعد ذلك لمشاكلنا التي لا نهاية لها في عصرنا، وسأعرض نموذجاً صغيراً نحو هذه القضية، ليس فيه تأخير صلاة، إنما فيه هيئة من هيئات الصلاة المستجبات التي هي.. بإجماع.. إن تركتها عمداً لا يضرَّك وإن فعلتها فلا يضرك أيضاً فعلها على جميع الأقوال، سواء قلنا مشروعة أولاً، إن فعلتها لا تبطل صلاتك ولو لم تكن مشروعة عند من لا يقول بمشروعيتها، وإذا تركتها لا تبطل صلاتك ولا إثم عليك عند من يقول بمشروعيتها، ومع ذلك نختلف فيها ويضلل بعضنا بعضا، ونشتد في الكلام على سلفنا الكرام.
هذه القضية إخوتي الكرام قضية العقد، وضع اليمين على الشمال بعد الرفع عنا لركوع، إذا رفع الإنسان من الركوع وقال:(سمع الله لمن حمده) فما الكيفية التي ينبغي أن تكون عليها البدان، هل يرسلهما ويسبل يديه؟ كما هو قول أبي حنيفة ومالك والشافعي رحمة الله عليهم، أو يعقدهما، كما كان يعقدهما قبل الركوع؟ فيضع اليمين على الشمال ويقبض على الشمال باليمين؟ كما كان قبل الركوع كما هو قول الإمام أحمد رحمة الله عليه، والإمام احمد خير المصلي وقال:(إن شاء عقد ووضع اليمين على الشمال، وإن شاء أرسل وأسبل يديه) لكن الحنابلة قالوا: العقد أفضل بعد الرفع من الركوع، يعني هذا قيام فيه ذكر مسنون، فيشرع فيه القبض، كما كان قبل الركوع، ولأن هذا آكد لخشوع الإنسان، والقلب هو محل الخشوع، والإنسان إذا أراد أن يحافظ على شيءٍ وضع عليه يديه، وقلبك إذا قمت ينبغي أن تضع يديك على قلبك من أجل المحافظة على خشوعك لئلا يكون في هذا القلب شيء من التسرب والوسوسة وحديث النفس، هذا مشروع وهذا مشروع، والكيفية التي ذكرها الإمام أحمد وقررها الحنابلة الكرام.