للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نعم إخوتي الكرام إن هذا النوع من أنواع الخوف هو أجل أنواع الخوف على الإطلاق ويحصل هذا النوع في نفس الإنسان عندما يعرف الإنسان الصلة الحقيقية بينه وبين ربه الرحمن فأنت فقير والله غني وأنت ضعيف والله قوي أنت ذليل والله جل وعلا جليل أنت لا تقوم بنفسك ومحتاج إلى ربك في جميع أحوالك والله هو الغني الحميد هذا أجل أنواع الخوف وكما قلت يترتب على معرفتك بنفسك ومعرفتك بربك ولذلك قال أئمتنا الكرام من عرف نفسه عرف ربه والأثر روى عن العبد الصالح يحيى بن معاذ الرازي الذي توفي سنة ٢٥٨هـ وهو من العلماء الربانيين الصالحين في هذه الأمة وكان يقول: لا يزال العبد مقروناً بالتواني مادام مقيما على الأماني ومن كلامه المحكم عمل كالسراب يعني لا حقيقة له مشوب بالأخلاط والآفات عمل كالسراب وقلب من التقوى خراب وذنوب بعدد الرمل والتراب ثم تطمع بالكواعب الأتراب والنظر إلى وجهه الكريم الوهاب هيهات هيهات أنت سكرات من عبر شراب ثم يقول ما أجلّك لو بادرت أجلك ما أقوالك لو خالفت هواك.. يقول هذا العبد الصالح يحيى بن معاذ الرازي عليه وعلى جميع أئمتنا رحمات ربنا من عرف نفسه عرف ربه.

وليس هذا بحديث ينسب إلى نبينا عليه الصلاة والسلام كما توهم ذلك بعض الأنام وقد حقق أئمتنا الكرام هذا القول وبينوا أنه ينسب إلى هذا العبد الصالح منهم شيخ الإسلام الإمام النووي في فتاواه المشهورة.

ومنهم أيضاً الإمام ابن تيمية في مجموع الفتاوي ومنهم ابن قيم الجوزية ١/٤٢٧ من مدارج السالكين ومنهم الإمام السيوطي وألف رسالة حول هذا الأثر لهذا العبد الصالح سماها القول الأشبه في بيان معنى حديث من عرف نفسه فقد عرف ربه.

وقد ذكر الإمام السيوطي عشرة أوجه في شرح هذا الأثر وحفظها الإمام ابن القيم عليهم جميعاً رحمة الله إلى ثلاثة معاني خلاصتها: