.. هذا العبد الصالح كما قلت كان يبتعد عن كل ما يشغله عن الله تعالى فإذا خيرنا بين العجز والفجور نختار العجز كما كان يختاره هذا العبد الصالح يقول شيخ الإسلام عبد الله بن وهب وتقدم حاله وهو الذي يقول: لولا مالك والليث لضل الناس وقال لولا مالك والليث وعمرو بن الحارث لما اهتدينا. عبد الله بن وهب من شيوخ الإسلام قال: كنا نأتي حيوة بن شريح فنتعلم منه الفقه فكان يقول لنا أبدلني الله بكم عمودا أقوم وراءه يقول: أسأل الله أن يبدلني بكم عمودا أقوم وراءه. قال عبد الله: فأجاب الله دعاءه وحقق أمنيته فاعتزلنا في آخر الأمر وتفرغ لعبادة الله عز وجل انظروا لحال سلفنا.
... وتقدم معنا عدد من شيوخ الإسلام امتنعوا عن التحديث وعن نشر كلام نبينا النفيس عليه الصلاة والسلام لما رأوا أن النيات تكدرت فأثروا الإشتغال بأمر الآخرة لئلا يضيع الوقت لما تكدرت النيات فكيف نحن إذا خيرنا بين العجز والفجور أولئك في طاعة لما رأوا أن غيرها أعظم منها وأنفع لقلوبهم وأصلح لشأنهم تركوا المفضول وأخذوا الفاضل ونحن كما قلت مراراً نسأل الله العافية نختار أخف الضررين في هذا الوقت فلنحذر من بيع الدين بالدنيا في هذه الأيام.
... نعم إخوتي الكرام أن همة النجباء منصرفة إلى إرضاء رب الأرض والسماء همة النجباء تنصرف إلى إرضاء رب الأرض والسماء وبذلك يتميز العقلاء عن الغوغاء وما أكثرهم في هذه الأيام: والغوغاء في الأصل يطلق على الجراد إذا ماج بعض في بعض واختلط بعضه في بعض ويراد عندنا من الغوغاء في شريعة الله المطهرة هو من يتلهى في هذه الدنيا ولا يتزود منها للممات ومن يشتغل بما لا ينفعه بعد موته فالعاقل يحترز عما لا منفعة فيه في الدنيا والآخرة.