وزهد الفضيلة أن تزهد في المباحات وأن لا تستكثر منها إلا بمقدار الضرورة هذا الأمر من لم يزهد فيه هل يسمى زاهدا أم لا بعد اتفاقهم أن الذي لا يزهد في الحرام والشبهات لا يسمى زاهداً لكن إذا ما زهد في المباحات واستكثر منها وقام بما يجب عليه هل يسمى زاهداً أم لا للعلماء فيه قولان هل يناله اسم الزهد أم لا. لأن الإستكثار منها ينقص من درجة الإنسان وبمقدار ما يحصل التمتع في هذه الحياة تنزل درجة الإنسان عند رب الأرض والسموات ولا يصيب أحد من الدنيا شيئا إلا نقص من درجته عند الله ولو كان عليه كريما ولذلك كان عدد من أئمتنا يقولون خذ ما شئت فإنما تأخذ من كيسك يعني تتعجل نعيمك. إن أردت أن تتوسع فهناك سيضيق عليك وإن غفر لك ودخلت الجنة فلا ينال أحد من الدنيا شيئا إلا نقص من درجته عند الله ولو كان عليه كريما وتقدم تقرير هذا بأدلته في المواعظ الماضية.
هذه الأحاديث الخمسة أردت أن تكون بداية هذه الموعظة وخاتمة المقدمات. نشرح في مواصلة بحثنا:
١. معالم عشرة مر ذكرها.
٢. موقف أهل الرشد والوفاق نحو مسائل الاتفاق والافتراق.
٣. لماذا الالتزام بالمذاهب الأربعة.
-المعالم العشرة قد مر ذكرها.
أما موقف أهل الرشد من مسائل الافتراق والاتفاق. مضى الكلام على مقدمة لهذا الأمر وعلمنا أن موقفنا من أئمتنا كبني إسرائيل مع أنبيائهم عليهم صلوات الله وسلامه فالأنبياء السابقون دينهم واحد وهو الإسلام وفروعهم مختلفة وعلماء هذه الأمة المرحومة دينهم واحد ونبيهم واحد ثم بعد ذلك هناك تشريعات متنوعة مختلفة دلت عليها الشريعة الأم وهي شريعة نبينا صلى الله عليه وسلم وهذا الكلام كما قلت قاله إمامان من أئمتنا الكرام العظام ابن قدامة وتبعه ابن تيمية عليهم جميعا رحمة الله ورضوانه إجماعهم حجة قاطعة واختلافهم رحمة واسعة وهم في اختلافهم كأنبياء الله السابقين عندما اختلفت شرائعهم وتوحدت أصولهم وهذا كفقهائنا وعلمائنا.