للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والجواب عما الزمانا من ذلك يقال لهما إن الشيء وضده يجتمعان في الحكمة ويتفقان في المصلحة ألا ترى أن الموت لم يكن فسادا وإن كانت الحياة صلاحا هذه نعمة وهذه نعمة ونعمة الله علينا بالموت لا تقل عن نعمته علينا بالحياة. ولم يكن السقم سفها وإن كانت الصحة حكمة ولم يكن الفقر خطأ وإن كان الغنى صوابا وكذلك الحركة والسكون والليل والنهار وما أشبهها من الأضداد وقد قال سبحانه وتعالى: "ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه" فسمى الليل رحمة فهل أوجب أن يكون النهار عذابا من قبل أنه ضده وفي هذا بيان خطأ ما ادعاه هؤلاء ولله الحمد. ثم بين فقال أما وجه الحديث ومعناه اختلاف أمتي رحمة فهو كلام عام المعنى خاص المراد إنما هو الإختلاف المذموم في إثبات الصانع ووحدانيته وهو كفر واختلاف في صفاته ومشيئته وهو بدعة وكذلك في اختلاف الروافض والخوارج في إسلام بعض الصحابة واختلاف في الحوادث من أحكام العبادات المحتملة الوجوه جعله الله يسرا وكرامة ورحمة للعلماء منهم وقد قال صلى الله عليه وسلم قال: "يا أيها الناس إنما أنا رحمة مهداه" والحديث رواه الحاكم في المستدرك ١/٣٥ وقال صحيح على شرطهما ووافقه الذهبي ورواه البزار بسند رجاله رجال الصحيح وهكذا الطبراني في معجمه الأوسط والصغير المجمع ٨/٢٥٧ ورواه البيهقي في دلائل النبوة ١/٥٨ والرامهرمزي في الأمثال ص٢٩ ورواه ابن عساكر وعند الرامهرمزي ضبطه ضبطاً غريبا فقال مهداة بكسر الميم وقال هكذا ضبطه ابن البرتي وهو الإمام المحدث أبو خبيب العباس ابن أحمد البرتي توفي ٣٣٨هـ والرامهرمزي توفي ٣٦٠هـ وقال عليه الصلاة والسلام بعثت رحمة- كما ثبت في صحيح مسلم والأدب المفرد للإمام البخاري إن الله لم يبعثني لعانا إنما بعثت رحمة – وقد بعث بالسيف وأمرنا بالقتال وسفك الدم فلا تناقض بين هذا وهذا إلى آخر كلامه في توجيه الحديث من كتابه أهذه الحديث.