للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يوجد موصوف بأنه وِتْرٌ وَوَترٌ إلا الله جل وعلا: "قل هو الله أحد" "ليس كمثله شيء" "هل تعلم له سميا" فأقسم جل وعلا بالمخلوقات وأقسم بخالقها والشفع والوتر "والليل إذا يسر". إذا يسري وهو الذهاب والمشي والانتقال والزوال والليل إذا يسر والمراد من هذا الذهاب في الليل إما ذهابٌ لينقض وإما ذهابٌ ليأتي وقد فسر بالأمرين في هذه الآية والليل إذا يسر مقبلا والليل يسر مدبرا وهذا كما قال الله جل وعلا في سورة التكوير "والليل إذا عسعس" أقبل بظلامه وأدبر ليأتي الضياء بعده والليل إذا عسعس وهي من الأضواء إذا أقبل وإذا أدبر والليل إذا أقبل إذا سرى هذا الليل آتيا وإذا سرى هذا الليل موليا منقضيا.

وقيل إذا يسري فيه الناس وتقع ما تقع فيه من الأعمال والليل المراد فيه هنا كما هو المراد من الفجر مطلق الليل لا يراد منه ليلٌ معين وما قيل إن المراد بالليل هنا ليلة القدر أو إن المراد بالليلة هنا ليلة الجمع وهي ليلة المزدلفة فكل هذا إخوتي الكرام كما قلت من باب ما يدخل في هذا اللفظ العام ومن باب التمثيل عليه بأشهر أنواعه واللفظ أعم من ذلك والليل إذا يسر "هل في ذلك قسم لذي حجر" لذي عقل يحجره لمن فعل القبيح والسيء هذه المخلوقات تدل على عديم قدرة خالقها جل وعلا وعليه أقسم الله بهذه الأشياء أقسم بالمخلوقات وأقسم بخالقها أقسم بالمخلوقات التي خلقت لنا وأقسم أيضاً جل وعلا سبحانه وتعالى وهو الذي يقسم بما شاء جل وعلا من باب التنبيه إلى ما ذلك من المقسم به من عبرة وعظة ودلالة عظيمة على قدرة العظيم جل وعلا.