هذا الكتاب يمتاز على الكتب السابقة فلا بد أن يختلف في كيفية نزوله عن نزول الكتب السابقة وما قال الله جل وعلا هذه سنتي في الكتب التي أنزلتها على الأنبياء وقبل محمد على نبينا وعليهم جميعاً صلوات الله وسلامه ولذلك عندما اعترض المشركون على بشرية نبينا محمد عليه الصلاة والسلام وأنه بشر مثلهم وينبغي أن ينزل عليهم تلك قال الله جل وعلا:"وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا".
فنبيا عليه الصلاة والسلام من البشر وهكذا سائر أنبياء الله ورسله عليهم جميعاً صلوات الله وسلامه من البشر، أما القرآن فنزل في كيفية وبكيفية وطريقة تختلف عن نزول الكتب السابقة (كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا) .
وهكذا اختص الله القرآن أيضاً بحفظه ولم يتعهد الله بحفظ الكتب السابقة "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" ومن حفظ الله لكتابه أن يسّر حفظه على الأمة التي نزل عليها هذا القرآن، فقال ربنا الرحمن أربع مرات في سورة القمر:"ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر" فأناجيل هذه الأمة صُدُورهم وهذا القرآن موجود في قلوبهم (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون) .
إخوتي الكرام: وكما خص الله القرآن الذي نزل في شهر رمضان بخصائص كثيرة فقد خص الله هذه الأمة المباركة في شهر رمضان بخصائص لا توجد للأمم السابقة أيضاً نعم فرض الله علينا الصيام وفرضه على الأمم السابقة وصومنا وصومهم واحد كما تقدم معنا وهو صوم هذا الشهر الكريم لكن ما أغدق الله علينا من النعم في هذا الشهر ما حصل في الأمم السابقة لكرامة هذه الأمة على الله جل وعلا ولِعُتُوِّ الأمم السابقة وجحودهم وعنادهم وجدالهم لأنبيائهم على نبينا وعلى أنبياء الله ورسله صلوات الله وسلامه وسأشير إلى ما يقرر هذا مجملاً ثم أتتكلم بعد ذلك بشيء من التفصيل على هذا الموضوع.