ضاً، عن يحيى بن شِبْل: كنتُ جالساً عند مقاتل بن سُلَيمان فجاء شابٌ فسأله: ما تقول في قول الله تعالى: {كُلُّ شَيءٍ هَالِكٌ إلاَّ وَجْهَهُ} ، فقال مقاتل: هذا جَهْمِيٌّ. قال: ما أدري ما جَهْمِي، إن كان عندك علم فيما أقول، وإلا فقل لا أدري، فقال: ويحك إن جَهْماً والله ما حج هذا البيت، ولا جالسَ العُلماءَ إنما كان رجلاً أُعطِيَ لساناً، وقوله تعالى:{كُلُّ شَيءٍ هَالِكٌ إلاَّ وَجْهَهُ} إنما كل شيء فيه الرُّوح كما قال لملكة سبأ {وأُوتِيتْ مِنْ كُلِّ شَيءٍ} لم تؤت إلا ملك بلادها، وكما قال:{وآتَيْناهُ مِنُ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبَا} لم يؤت إلا ما في يدهِ من المُلْكِ. ولم يدع في القرآن كل شيء وكل شيء إلا سرد علينا. وقال القاسم بن أحمد الصَّفار: كان إبراهيم الحَرْبيُّ يأخذُ مني كُتُب مقاتل فينظر فيها، فقلتُ له ذات يوم: أخبرني يا أبا إسحاق ما للناس يطعنون على مُقاتل؟ قال: حَسَداً منهم لمقاتل. وقال أبو الفَضْل مَيْمون بن هارون الكاتب: حدثني ابن أخي سُلَيمان بن يحيى بن مُعاذ أن أبا جعفر المنصور كان جالساً فألحَّ عليه ذُبابٌ يقعُ على وجهه، وألحَّ في الوُقوع مراراً حتى أضجَرَهُ، فقال: أنظروا مَن بالباب؟ فقيل: مقاتل بن سليمان. فقال: عليَّ به. فلما دخلَ عليه قال له: هل تعلم لماذا خلقَ الله الذُّبابَ؟ قال: نعم. ليُذِلَّ به الجَبَّارين. فسكتَ المنصور. وقال الفَضْل بن عبد الجَبَّار المَرْوَزي: سمعتُ عليَّ بن الحَسن بن شقيق يقول: سمعتُ عبد الله بن المُبارك يقول: سمعتُ مقاتل بن سُليمان يقول: الأم أحقُ بالصِّلة والأبُ أحق بالطاعة. قال الفَضْل: وأظنني سمعتُ علياً يقول: ابن المُبارك لم يرو لمقاتل إلا هذين الحَرْفين، قال: وسمعت أصحاب عبد الله في طول ما رأيتهم لم أرهم يروون لمقاتل شيئاً غير هذا.