للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

انظر كيف يؤثر كلام الله جل وعلا في قلوب العتاة المشركين في الزمن الأول، وقد كان المشركون يتوافدون على النبي عليه الصلاة والسلام في ظلام الليل عندما كان في مكة المكرمة في أول دعوته ويأتي إلى فناء الكعبة في وسط الليل ويتلو كلام الله، ليسمعوا حلاوة هذا الكلام، وكان ذلك التوافد سراً، ثبت في مغازي محمد ابن إسحاق أنه اجتمع ثلاثة من المشركين في وسط الليل أبو جهل وأبو سفيان وأبي بن شريق وهو الأخنس بن شريق ولقب بالأخنس بعد موقعة بدر عندما قال لقومه إن الله ينجي غيركم في أول الأمر فلا داعي للقاء محمد فانخنس معه من انخنس فلقب بالأخنس بن شريق واسمه أبي بن شريق، وقد آمن منهم اثنان أبو سفيان، وأبي بن شريق، وبقى أبو جهل على كفره، كان يجتمعون سراً ولا يعلم أحد باجتماع صاحبه، حتى يطلع الفجر فإذا كادوا جمعهم الطريق فسأل كل واحد صاحبه أين كنت؟ فأخبروا بالحقيقة وقال كل واحد كنت استمع إلى محمد، فقال بعضهم لبعض ويحكم إذا سمع المشركون بكم وأنت وجهاء قومكم سيفتنون بمحمد فتعاهدوا وتعاقدوا على أن لا يأتي أحد منهم في الليلة الثانية، وكل واحد ظن أن صاحبه سيفي بالوعد ولن يحضر، فاجتمع الثلاثة في الليلة الثانية مرة أخرى، فلما أسفر الفجر جمعهم الطريق، فقال بعضهم لبعض أين كنتم؟ فقالوا كنا نستمع إلى محمد فذكر بعضهم بعضاً بالعهد الذي قطعوه على أنفسهم في الليلة الماضية، وتعاهدوا على أن لا يأتي أحد منهم في الليلة التالية ولا ما بعدها فعادوا أيضاً واجتمعوا في الليلة الثالثة، ثم بعد أن تفرقوا وتعاهدوا على ألا يعودوا ذهب أبي بن شريق وهو الأخنس إلى أبي سفيان قال أخبرني ماذا سمعت من محمد قال سمعت كلاماً عرفته وعرفت ما يراد به وسمعت كلاماً لا أعرف ما يراد به، ثم ذهب إلى أبي جهل قال أخبرني ماذا سمعت من محمد فأخبره، ثم قال له أنشدك الله هل تعلم أن محمد صادق أو كذوب؟ قال والله إنه لصادق وهو رسول الله حقاً، لكننا