القصة الأولى: رواه أئمتنا الكرام أبو نعيم في الحلية وغيره في ترجمة العبد الصالح شقيق بن إبراهيم أبي على البلخي الذي توفي سنة أربعة وتسعين ومائة للهجرة ١٩٤هـ وقد تقدم معنا ذكر كلامه اخوتي الكرام في أول الموعظة الماضية عندما قال: (مثل المؤمن كمثل من يزرع نخلاً ويخشى أن يحمل شوكاً، ومثل المنافق كمثل من يزرع شوكة ويطمع أن يحمل ثمراً) هذا العبد الصالح من العلماء الربانيين ومن الزهاد الصالحين ومن الغزاة المجاهدين حضر مرة في غزوة مع الكفار فلما اشتدت الحال فبدأت الرؤوس تندر (تسقط) والسيوف تكسر والرماح تقصص، أمسك هذا العبد الصالح أبو علي شقيق البلخي بيد تلميذه وصاحبه حاتم بن الأصم رحمة الله عليهم فقال: (كيف تجد نفسك؟ هل تجد نفسك كليلة عرسك، قال: لا ولكني أجد نفسي كأني في ليلة عرسي، رؤوس تقطع وسيوف تكسر، رماح تقصص ومع ذلك هذا العبد مطمئن القلب ربه جل وعلا يعلم أن الله سيتولاه، كيف وقد أفرده بحبه وخوفه ورجائه فقال له لكني أجد نفسي كيوم عرسي، يقول حاتم الأصم: ثم وضع هذا العبد الصالح شقيق البلخي درقته وهي الترس المصنوع من الجلد وضعه بين الصفين ونام حتى إني لأسمع غطيطه، أسمع غطيطه والحال كما ذكر رؤوس تقطع ورماح تقصص وسيوف تكسر ومع ذلك ينام بين الصفين وينزل الله النعاس عليه أمنة منه ورحمة و، نعم هذا حال الموحد الذي أفرد الله جل وعلا بحبه وخوفه ورجائه.