.. ولعل أمر الله – جل وعز – الأغنياء، أخبر أنه يطلب منهم الإنفاق مما رزقهم، وعليه استخلفهم فقال – جل وعلا – في سورة الحديد:{آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ} الحديد٧، وقال – جل جلاله – في سورة البقرة:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} البقرة٢٥٤.
... فكل ما بالعباد من نعم، فهو من ربهم واسع الجود والكرم، قال الله – تبارك وتعالى –:{وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} النحل٥٣، والمخلوقات بأسرها محتاجة إلى ربها في جميع حركاتها وسكناتها، قال الله – جل جلاله–:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} فاطر١٥، وقد تقدمت أبيات لطيفة رقيقة تبين الصلة بين المخلوقات وفاطرها على وجه الحقيقة، لشيخ الإسلام ابن تميمة – عليه رحمة رب البرية –، فلا تغيبن عن ذهنك يا صاحب الهمة العلية. ومنها:
أنا الفقيرُ إلى ربِ البريّاتِ ... أنا المسكينُ في مجموع حالاتي
ولستُ أملِكُ شيئاً دونه أبدا ... ولا شريك أنا في بعض ذرّاتي
والفقرُ لي وصتفُ ذات ٍ لازم أبدا ... كما الغِنى أبداً وصف له ذاتي
وهذه الحالُ حالُ الخلق أجمعهم ... وكلهم عنده عبدٌ له يأتي
فمن بَغى مَطلَباً من غير خالقه ... فهو الجهولُ الظلومُ المشركُ العاتي