والمعنى الثاني: المصدر مضاف للمفعول ذلك لمن خاف مقام: أي لم خاف قيامه بين يدي وعلم أنه عبد ذليل منكسر حقير لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً فهو خاف قيامه بين يدي لأني سأجمعه ليوم تشخص فيه الأبصار وتتقلب فيه القلوب، من خاف قيامه في هذا اليوم الذي لا ريب فيه وأعد لذلك اليوم عدته لن يتسلط عليه متسلط مهما كان شأن ذلك الجبار وقد رجع الإمام بن القيم عليه رحمة الله المعنى الثاني وقال أنه أليق بالآية ولا داعي للترجيح فالآية تحتمل القولين وهما متلازمان، فمن علم أن الله حي قيوم قائم على جميع أمور العباد ومدبرٌ لها سيخاف قيامه بين يديه عندما يؤول إليه وعليه الأمران متلازمان ولا يخاف الإنسان القيام بين يدي الله إلا بعد معرفته أن الله قيوم مدبر لأمور عباده في الدنيا والآخرة فالمعنيان متلازمان ثابتان لمن خاف قيام الله عليه وخاف قيامه بين يديه، وهذان المعنيان يقالان في نظير هذه الآية من سورة الرحمن:{ولمن خاف مقام ربه جنَّتان} ومن ذلك قول الله عز وجل في سورة النازعات: {وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنَّة هي المأوى} خاف قيام الله عليه ومراقبته وإحاطته به، وخاف قيامه بين يديه في يوم لا ريب فيه.
{وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنَّكم من أرضنا أو لتعودنَّ في ملتنا، فأوحى إليهم ربهم لنهلكنَّ الظالمين * ولنسكننَّكم الأرض من بعدهم، ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد} وقد ذكر لنا الله نماذج لهؤلاء الرسول بعد أجملهم في هذه السورة فاسمعوا لهذا.