وهكذا أشار الله إلى هذا المعنى أيضاً في أول سورة الحجرات، فقال رب الأرض والسموات:"يأيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم. يأيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون. إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيراً لهم والله غفور رحيم". (الحجرات/١-٥) .
لا تقدموا بين يدي الله ورسوله عليه صلوات الله وسلامه – ولا يذكر رأي أي مخلوق كان، إذا تُليت آيات القرآن، وذكرت أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام. "لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم" وهذا النبي الكريم عليه الصلاة والسلام تأدبوا معه في حال غيبته وفي حال وجوده، في ظاهركم وباطنكم فحذارٌ حذار من رفع الصوت على صوت النبي عليه الصلاة والسلام وعنده في مجلسه وعند تلاوة حديثه وذكره عليه الصلاة والسلام لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون.
وقد بلغ من ورع وديانة سيدنا الإمام مالك – عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا- أنه عندما كان يعلم حديث نبينا عليه الصلاة والسلام إذا أحد تكلم ورفع صوته يزجره ويتلو قول الله جل وعلى لا ترفعوا أصواتكم فوق النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون.
ثم أخبر الله عمّن يغضون أصواتهم عند النبي عليه الصلاة والسلام إجلالا له واحتراماً وحباً له وتعلقاً به هؤلاء أصحاب القلوب التقية النقية التي أخلصت لرب البرية واتبعت نبينا خير البرية عليه الصلاة والسلام.