إخوتي الكرام: ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث أمير المؤمنين الخليفة الراشد الثاني المهدي سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه، والحديث ثبت أيضاً في الصحيحين من رواية عبد الله بن عمر ومن رواية المغيرة بن شعبة، وجميع الروايات كما قلت في الصحيحين، والحديث مروي في غير ذلك من دواوين السنة المطهرة عن نبينا أنه قال:[إن الميت يعذب ببكاء الحي عليه] ، وهذا الحديث احتمل ستة أمورٍ كما قلت كلها حق مقبول، وقال بذلك أئمتنا الكرام الفحول، سأوجه هذه الأقوال وأختمها بسادس الذي يدل على مسألتنا ألا وهو أن الأموات يسمعون ويفرحون بما يجري عندهم من طاعة ويحزنون ويتألمون بما يجري عندهم من معصية.
المعنى الأول: الذي يحتمله هذا الحديث الشريف الثابت عن نبينا عليه الصلوات والسلام (أن الميت يعذب في الآخرة عند الله عز وجل، إذا تسبب في حصول النياحة والعويل عليه، بأن أوصاهم بذلك وسن لهم هذا الأمر المنكر المبتدع في الدين، وإلى هذا ذهب سيد المسلمين وأمير المؤمنين في الحديث الإمام البخاري عليه رحمة الله فبوب في صحيحه في كتاب (الجنائز) باب يشير به إلى هذا القول الذي ذهب إليه ومال إليه، فقال باب (الميت يعذب ببعض بكاء أهله عليه) إذا كان النوح من سنته، فإذا لم يكون النوح من سنته فلا يعذب لأن الله يقول:{ولا تزر وازرة وزر أخرى} .