والآية نازلة كما صحيح البخاري، والأثر رواه الحاكم في المستدرك، وهو في صحيح البخاري كما علمتم، والأثر رواه الإمام ابن جرير في تفسيره، والإمام الطبراني في معجمه الكبير، وهو موجود في كتب التفسير المتقدمة كتفسير ابن المنذر وابن مردويه، وتفسير ابن أبي حاتم، ورواه الإمام أبو نعيم في دلائل النبوة، وإسناد الحديث صحيح فهو في صحيح البخاري أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال هذه الآية نزلت في ناس من الإنس كانوا يعبدون ناساً من الجن، فآمن الجن بعد بعثة نبينا - صلى الله عليه وسلم - فبقي أولئك الناس من الإنس يعبدون هذا الفريق من الجن وهؤلاء الجن آمنوا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وبدءوا يحبون الله ويخافونه ويرجونه، فأنزل الله هذه الآية يعيرهم بها فيقول {أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه، إن عذاب ربك كان محظوراً *} أي من تعبدون من دوني هم يتقربون إليَّ بحبي ويرجوني ويخافوني، فاعبدوني كما عبدني من تعبدوه {أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه، إن عذاب ربك كان محظوراً *} والأثر كما قلت في صحيح البخاري عن عبد الله بن مسعودٍ، واستشكال الإمام بن التين لما ورد من لفظ في هذا الأثر، وهو عبد الواحد ابن التين توفي سنة إحدى عشر وستمائة للهجرة ٦١١هـ، استشكاله ورود لفظ الناس في حق الجن (كان ناساً من الإنس يعبدون ناساً من الجن) وقال: الجن يطلق على خلاف الإنس، فكيف يستعمل لفظ الناس في حق الجن؟ فقال: هذا مشكل، يقول الإمام ابن حجر عليهما رحمة الله راداً هذا الإشكال: إن لفظ الناس هذا لا يراد منه الناس الذي يقابل الجن، إنما يراد منه اشتقاق اللغة من الناس ينوس إذا تحرك، وصفة الحركة موجودة في الإنس والجن، فكان ناس من الإنس الذين فيهم صفة الحركة والحيوية يعبدون ناساً من الجن يتحركون أيضاً، وليس المراد أن الناي من الجن أن