اخوتي الكرام: فينبغي أن نفرد الله جل وعلا بخوفنا كما نفرده برجائنا كما نفرده بحبنا، كما نفرد بسائر عباداتنا، فهو المعبود الذي تصرف جميع أشكال العبادة إليه، لا إله إلا الله وحده لا شريك، {فلا تخافوهم وخافوني إن كنتم مؤمنين} وهذا المعنى التي دلت عليه الآية قبل أن أنتقل إلى تقريره بآيات أخرى تكملة الأثر الذي نقلته عن بن عباس رضي الله عنهما في معنى الآية أيضاً وقال أبو سفيان بعد موقعة أحد (موعدكم يا محمد - صلى الله عليه وسلم - موسم بدر في العام القادم حيث قتلتم إخواننا، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - وصحبه الكرام إلى بدر في موسم بدر، وثبتوا هناك لكن أبا سفيان ومن معه ما أتوا، ولذلك قال عبد الله بن عباس رضي الله عنه (أما الشجاع وقد أعد أهبته وعدته، وأما الجبان فقد جلس في بيته) .
إذاً خرجوا لحمراء الأسد بعد موقعة أحد مباشرةً وعندما حدد ذاك موعداً في موقعة بدر في العام القادم خرجوا أيضاً وقابلوه في موسم بدر فما استطاع أن يقابل المسلمين في هذين المكانين بعد أن أصاب المسلمين ما أصابهم من قرح وقُرحٍ، الخوف ينبغي أن نفرد به ربنا ولا يجوز أن نخاف أحداً من غيره، دل على هذا آيات كثيرة في القرآن منها قول الله جل وعلا في سورة البقرة:{ومن حيث خرجت فولِّ وجهك شطر المسجد الحرام، وحيث ما كنتم فولوا وجهكم شطره لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم واخشوني ولأتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون*} .
وهكذا قول الله جل وعلا في سورة المائدة:{إنا أنزلنا التوراة فيها هدىً ونور يحكم به النبيُّون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس واخشونِ ولا تشتروا بآياتي ثمناً قليلاً، ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون*} .