ولازلنا نتدارس المبحث الأول اخوتي الكرام ألا وهو تعريف البدعة وقلت فيما مضى إن البدعة هي الحدث في الإسلام عن طريق الزيادة أو النقصان مع زعم التقرَّب بذلك إلى الرحمن، وذلك الحدث لا تشهد له نصوص الشريعة الحسان.
اخوتي الكرام: وهذا التعريف السديد الرشيد الذي قرره أئمتنا الكرام ضل نحوه فريقان من الأنام.
فرقة غلت وأفرطت في تعريف البدعة فأدخلت فيها ما ليس منها.
وفرقة قصَّرت وفرطت في تعريف البدعة فألغت البدعة وابتدعن ما شاءت وعبدت ربها على حسب هواها وهي تزعم أنها تعبد مولاها.
أما الفرقة الأولى: فتقدم معنا مناقشتها ولا زلنا في التحذير منها، قلت إنهم أهل غلوٍ وشطط ودين الله بين الغالي والجافي، وهذا الغلو انحصر في أمرين اثنين منهم الأمر الأول كما تقدم معنا حكموا بالبدعة والتضليل على ما شهد له الدليل وقال به إمام جليل، بل زادوا على هذا وهذه الضلالة الثانية، منهم فحكموا بالبدعية على ما صرحت به النصوص الشرعية بأنه ما راق له قولهم الردية وتذاكرنا اخوتي الكرام أمثلة كثيرة حكم عليها بالبدعة من قبل هؤلاء السفهاء المبدعين ولا تدخل في تعريف البدعة عند أئمتنا الراسخين وسأختم الكلام في هذه الموعظة والتي تليها على أمرٍ أيضاً يزعم هؤلاء أنها بدعة وليس ببدعة، إنما هو هدىً ورشاد، وهذا الأمر هو إهداء القربات، إهداء الطاعات، إهداء الخيرات والحسنات، إهداء الأعمال الصالحات إلى الأموات.
اخوتي الكرام: هذه المسألة لها شقان:
الشق الأول: والجانب الأول منها عليه اجتماع واتفاق ولا يخالف فيه إلا أهل الضلال والبدع والأهواء.
والشق الثاني: حصل فيه اختلاف وافتراء بين أئمتنا الأتقياء، لكن الراجح ما قرره جمهور العلماء كما سيأتينا إن شاء الله.