.. وصف ربنا الكريم، عباده المقربين، السابقين منهم واللاحقين، بخشيته في كل حين، فقال في سورة الإسراء وهو أصدق القائلين:{أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً} الإسراء٥٧، وإذا كان هذا وصف الجن المؤمنين لما بلغتهم دعوة رب العالمين، فإن ذلك الوصف هو وصف أهل الكتاب الصادقين، وفي آخر السورة يقول ربنا العظيم:{وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً} الإسراء١٠٥-١٠٩، روى الأئمة الكرام ابن المبارك في الزهد، والدارمي في سننه، والطبري في تفسيره، وأبو نعيم في الحلية عن عبد الأعلى التيمي – رحمهم الله جميعاً – قال: من أوتي من العلم مال ايبكيه لخليق أن لا يكون أوتي علماً ينفعه، لأن الله – تبارك وتعالى – نعت العلماء فقال:"إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً" الآية (١)
(١) انظر كتاب الزهد: (٤١) ، وسنن الدارمي – المقدمة – باب من قال العلم الخشية وتقوى الله: (١/٨٨) ، وجامع البيان: (١٥/١٢١) ، وحلية الأولياء: (٥/٨٨) ، وانظره في زاد المسير: (٥/٩٨) ، ونسب السيوطي في الدر: (٤/٢٠٦) تخريجه إلى ابن أبي سيئيه، وابن المنذر، وابن أبي حاتم..