وأما الصفة الثانية وهى أنه حصورا لا بد منها تدل على أنه يتعفف عن أموالهم وأعراضهم ويمنع نفسه من الاعتداء عليهم وبهذا يسود وأما إذا علم وأدب ثم هو بعد ذلك يرتع فى أموالهم وأعراضهم ولا يعف عن حرماتهم فأى علم وتأديب سيحصل منه نحو رعيته وقومه وأتباعه حصور يمنع نفسه من أخذ شىء منهم من مال أو اعتداء على عرض ثم هو سيد يعلم ويأدب لفظ الحصور إخوتى الكرام من الحصر بمعنى الحبس حصر يحصر من باب نصر ينصر حصرا إذا منع نفسه الحصر هو المنع ويقال للبخيل حصور كما يقال للأمير حصور هذا حصور وهذا حصور لاإله إلا الله لأن كلا منهما محجوب ذاك حجب خيره وهو البخيل وهذا حجب شخصه وهو الأمير هذا مختفى متوارى حصور وذاك ماله لا يخرج ولا يساعد به عباد الله حصور الحصور هو فيه صفة المنع بخيل فيه صفة الاحتجاب كما قلت هنا احتجب عن رعيته حصور أيضا إذا حصر نفسه ومنعها من الشهوات المحرمة حصور إذن من الحصر وهو الحبس والمنع ومنه قول الله جل وعلا فى سورة الإسراء {وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا} أى محبسون فيه ولا يخرجون منه يحصرون فى ذلك المكان.
لفظ الحصور هنا إخوتى الكرام فعول إما أن يكون بمعنى فاعل أو بمعنى مفعول فإذا كان بمعنى فاعل حصر نفسه عن الشهوات ومنعها من المنكرات والرزالات بتوفيق رب الأرض والسماوات.