يقول الإمام أبو بكر بن العربى فى أحكام القرآن عند تفسير قول الله {وقرن فى بيوتكن} فى سورة الأحزاب، يقول: لقد دخلت أكثر من ألف قرية فما رأيت نساءً أصون ولا أستر من نساء نابلس فى البلاد المقدسة فى بلاد فلسطين، يقول: فأقمت فى تلك البلاد أشهرا فما وقعت عيناى على امرأة قط فى شارع فى سوق إلا فى يوم الجمعة فقط، يخرج النساء وهن متسترات حتى كدن أن يلتسقن بالجدر عندما يمشون إلى المسجد ليشهدن موعظة ثم يعدن فلا يرن بعد ذلك إلى الأسبوع الآتى، نساء فى الشوارع لايوجد، وحقيقة هذه هى الحمية الإسلامية وهذه هى الصفات الشرعية لهذين الصنفين لا اختلاط بين الذكور والإناث إلا فى الحياة العامة بمقدار الضرورة بهذه الصفات، وأما كما قلت رخصة مصتنعة والقلوب طاهرة، وبعد ذلك نزاهة مزورة دعونا من هذا، وإذا أردت أن تتحقق أثر الإختلاط بين النساء والرجال فانظر للحديث التالى الذى رواه مسلم فى صحيحه وأهل السنن الأربعة لترى أثر الإختلاط من رواية أبى هريرة رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:[خير صفوف الرجال أولها وشرها أخرها، وخير صفوف النساء أخرها وشرها أولها] ، طيب لما؟ لما صلت فى أول الصفوف صار بينها وبين الرجال قرب، لأن النساء كن فى عهد النبى عليه الصلاة والسلام يصلين ورآء الرجال، فالتى تصلى فى أول الصفوف يكون بينها وبين الرجال مسافة قريبة، فترى حركاتهم تسمع أصواتهم إذا هذه صلاتها أنقص أجرا، والمراد من الخيرية كثرة الأجر والشرية قلة الأجر، فإن قيل أجر معبر عنه بالشر والنقص، نقول: نعم لأن من قدر على الكمال تركه وأخذ ما دونه يعتبر ناقصا، ولم أرى فى عيوب الناس شيئا كنقص القادرين على التمام إذا أردت أت تصل إلى التمام ثم نقصت عنه هذا شر بالنسبة لهذا النقص وإن كان خيراً من ناحية وقعه العام وحقيقته هو خير، وجميع صفوف الصلاة خير لكن ليس حال من أمكنه أن يصلى فى الصف الأول وتأخر كحال من أمكنه أن يصلى فى