نعم إخوتي الكرام هؤلاء الرجال حقا أحسنوا صلتهم لربهم عز وجل وأحسنوا صلتهم لعباد الله فعظموا الله جل وعلا وأشفقوا على عباد الله ومع ذلك اتصفوا بالخوف من الله جل وعلا والوجل منه وهذا من علاقة سعادتهم كما قال العبد الصالح أبو عثمان النيسا بوري وهو سعيد الله إسماعيل الذي توفى سنة ثمانية وتسعين ومئتين من الهجرة يقول هذا العبد الصالح من علاقة سعادة الإنسان أن يعمل الصالحات وأن يطيع رب الأرض والسماوات ويخاف أن يكون مردودا مطرودا ومن علاقة شقاوة الإنسان أن يعمل السيئات ويرجو بعد ذلك أن " ٢٤: ٦"
يكون مقبولا وهؤلاء العباد عظموا الله عز وجل وأحسنوا إلى عباد الله وأشفقوا عليهم ومع ذلك يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار إخوتي الكرام وهذه الصفة الرابعة التي نعتهم الله بها في القرآن كنا نتدارسها وقلت نتدارسها ضمن مبحثين اثنين حول الخوف وحول يوم القيامة أما الخوف فقد ذكرت أننا سنتدارسه أيضا من ضمن أربعة مراحل مضى الكلام على ثلاثة منها فيما يتعلق بتعريف الخوف ومنزلته الخوف في شريعة الله وثمرة الخوف وما يحصله الخائف من ربه من ثمرات طيبة في العاجل والآجل في الدنيا والآخرة وبقي علينا الأمر الرابع المتعلق بالخوف ألا وهو أسباب خوف المكلفين من رب العالمين إخوتي الكرام إن أسباب الخوف كثيرة وفيرة وهي على تعددها تحصر في ثلاثة أسباب أولها تعظيم لله جل وعلا وإجلاله وثانيها الخشية من التفريط الذي يتصف به الإنسان نحو ذي الجلال والإكرام سواء كان ذلك التفريط متعلقا بفعل الطاعات أو ارتكاب المحظورات " ١٨: ٨ "