عشرة أوجه في شرح هذا الأثر وضغطها الإمام ابن القيم عليهم جميعا رحمة الله إلى ثلاثة معاني خلاصتها الأمر الأول هو الذي يتعلق ببحثنا إن معنى هذا الأثر إما أن يكون من باب النهي أو الضدية أو الأولوية من باب الضدية أو الأولوية أو النفي أما الضدية عرف نفسه لصفات النقص أو الفقر أو الاحتياج عرف ربه في ضد ذلك فإذا عرفت نفسك فقير ضعيف محتاج ذليل عرفت أن الله جل وعلا بخلاف ذلك فمن عرف نفسه عرف ربه ومن باب تكملة معنى الأثر على حسب المعنيين الآخرين عرف نفسه من باب الأولوية عرف ربه أي من عرف أنه يتصل بحياة وعلم وقدرة ورحمة وغير ذلك من صفات الكمال التي تناسب حالة وهي محفوفة بالنقص من عرف أنه يتصف بذلك يعرف يقينا أن الله يتصف بذلك الكمال من باب أولى فالذي منحك حياة ناقصة فيه حياة كاملة والذي منحك علما قليلا وهو بكل شيء عليم والمعنى الثالث للأثر من عرف نفسه عرف ربه من باب النفي " ٢٥: ٢٨ "
كما أنه لا يمكن أن يقف على حقيقة نفسك وإدراك كنه روحك فلن تقف على إدراك حقيقة ربك جل وعلا فالله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير فإذا كنت تعجز عن إدراك حقيقة الروح ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا فأنت أعجز وأعجز عن إدراك حقيقة الرب جل وعلا ومالك أن تؤمن بما أخبرنا الله جل وعلا عن صفاته وأن تمره حسبما يليق بذاته ليس كمثله شيء وهو السميع البصير الشاهد المعنى الأول من عرف نفسه عرف ربه عن طريق الضدية لعلمت أنك فقير فالله هو الغني فالذي يحقق معرفة الصلة بين الخالق والمخلوق سيخاف من الخالق ويجله ويعظمه وهذا هو خوف الإجلال هذا هو خوف التعظيم لا لتفريط فيك ولا لانتظار خاتمة ستقابلك وتلاقيك أنما أنت تجل الله وتعظمه لأنه إله عظيم يستحق من عباده أن يجلوه وأن يخافوه وأن يهابوه وأن يعظموه في كل حين ويحذركم الله نفسه ذلك لمن خاف مقامي " ٠٥: ٣٠ "