للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

" قال الإمام النووي – عليه رحمة الله تعالى –: واتفق العلماء على أنه لا يجوز أن يعقد لخليفتين في عصر واحد، سواء اتسعت دار الإسلام، أم لا، وقال إمام الحرمين في كتابه "الإرشاد" قال أصحابنا لا يجوز عقد لشخصين، قال: وعندي أنه لا يجوز عقدها لاثنين في صقع واحد، وهذا مجمع عليه، قال: فإن بعد ما بين الإمامين، وتخلت بينهما شسوع فللاحتمال فيه مجال، قال: وهو خارج من القواطع، وحكى المازري: هذا القول عن بعض المتأخرين من أهل الأصل، وأراد به إمام الحرمين، وهو قول فاسد مخالف لما عليه السلف والخلف، لظواهر إطلاق الأحاديث، والله أعلم ١٠هـ (١) .


(١) انظر شرح صحيح مسلم: (١٢/٣٢) ، ونقل الأُبُّي في إكمال المعلم، والسنوسي في مكمل إكمال المعلم مطبوعان معاً الثاني منهما في الحاشية: (٥/٢٠٤) عن القاضي عياض رد قول إمام الحرمين والحكم عليه بأنه غير سديد، وهو مخالف لما عليه السلف والخلف، ولظاهر إطلاق الأحاديث ١٠هـ ومن العجيب أن يرد القرطبي في تفسيره: (١/٢٧٤) قول الكرامية المجوزين نصب خليفتين في عصر واحد لجواز بعث نبيين في عصر واحد، كحال علي ومعاوية – رضي الله تعالى عنهما – بقوله: والجواب أن ذلك جائز لولا منع الشرع منه، لقوله: "فاقتلوا الآخر منهما"، ولأن الأمة مجمعة عليه، وأما معاوية فلم يدع الإمامة لنفسه، وإنما ادعى ولاية الشام بتولية مَنْ َقْبَلُه من الأئمة، ومما يدل على هذا إجماع الأمة في عصرهما على أن الإمام أحدهما، وما قال أحدهما: إني أمام، ومخالفي إمام، فإن قالوا: العقل لا يحيل ذلك، وليس في السمع ما يمنع منه، قلنا: أقوى السمع الإجماع، وقد وجد على المنع ١هـ من العجيب حقاً أن يرد القرطبي قول الكرامية، ويعلل المنع أيضاً بأن وجود إمامين يؤدي إلى النفاق والشقاق، وحدوث الفتن والافتراق، وزوال النعم، ثم يقول: لكن إن تباعدت الأقطار، وتباينت كالأندلس وخراسان جاز ذلك ١هـ كيف يجوز ذلك، والإجماع قام على منع التعدد مطلقاً كما قرر هو وما توهمه من مسوغ التعدد لتباعد الأقطار مجرد وهم، لأن الأمير من قبل الخليفة يدير أمر تلك البلدة مع ارتباطه بالخلافة، لتكون كلمة المسلمين واحدة، مرتبطة بقيادة واحدة، وبذلك تتم وحدتها، ويجتمع شملها.
ولزيادة البصيرة بالقول الحق، والثقة به انظر الأحكام السلطانية للماوردي: (٩) وفيه: وإذا عقدت الإمامة لإمامين في بلدين لم تنعقد إمامتهما، لأنه لا يجوز أن يكون للأمة إمامان في وقت واحد، وإن شذ قوم فجوزره ١هـ وحكى الإمام الشافعي – عليه رحمة الله – في الرسالة: (٤١٩) أن مما أجمع عليه المسلمون أن يكون الخليفة واحداً وفي الأحكام السلطانية للفرَّاء: ٢٥ ولا يجوز عقد الإمامة لإمامين في بلدين في حالة واحدة ١هـ وفي كتاب مراتب الإجماع لابن حزم وإقرار ابن تيمية له: (١٢٤) واتفقوا أنه لا يجوز أن يكون على المسلمين في وقت واحد في جميع الدنيا إمامان لا متفقان ولا مفترقان، ولا في مكانين ولا في مكان واحد ١هـ وفي المحلي: (٩/٣٦٠) ، ولا يصح أن يكون في الدنيا إلا إمام واحد ١هـ والله تعالى أعلم.