يقول الإمام ابن الجوزى وما عيب نساء الدنيا بأحسن من قوله عز جل {ولهم فيها أزواج مطهرة} وذو الأنفة يأنف من الوسخ صورة وعيب الخلق معنى فليقنع لما باطنه الدين وظاهره الستر والقناعة فإنه يعيش مرفه السر طيب القلب ومتى استكثر فإنما يستكثر من شغل قلبه ورقة دينه إذن هذا حقيقة من آفة هذه الشهوة أنه عندك ما يكفيك ويسد حاجتك وأنت مع ذلك تتطلع إلى شىء آخر ربما كان أنزل مما عندك وذكر نحو هذا فى صفحة ثمانين ومائتين تحت عنوان لذات الدنيا مشوبة بنغص ثم قال عليه رحمة الله إن النفس لا تقف على حد بل تروم من اللذات ما لا منتهى له وكلما حصل له غرض برد عندها وطلبت سواها هذا الغرض الذى كان عنده حرارة فى طلبه وحصله إذا حصل عنده برد طلبه وفتر يريد شيئا آخر فيفضى العمر فيفنى العمر ويضعف البدن ويقع النقص ويرق الجاه ولا يحصل المراد وليس فى الدنيا أشد بلاهة ممن يطلب النهاية فى لذات الدنيا وليس فى الدنيا على الحقيقة لذة إنما هى راحة من مؤلم يدفع بلية ببلية يتخلص من ألم بألم فالسعيد من إذا حصلت له امرأة أو جارية فمال إليها ومالت إليه وعلم سترها ودينها أن يعقد الخنصر على صحبتها وأكثر أسباب دوام محبتها ألا يطلق بصره فمتى أطلق بصره أو أطمع نفسه فى غيرها فإن الطمع فى الجديد ينغص الخلق خلقه وينغص الخلق أى القديم الذى عنده من زوجة قديمة وينقص المخالطة ويستر عيوب الخارج فتميل النفس إلى المشاهد الغريب ويتكدر العيش مع الحاضر القريب كما قال الشاعر:
والمرء ما دام ذا عين يقلبها ... فى أعين الناس موقوف على الخطر
يسر مقلته ما ضر مهجته ... لا مرحبا بسرور عاد بالضرر