والصفة الثانية مقصورات قلوبهن وأبصارهن ونفوسهن على أزواجهن وهذا المعنى الثانى ذكره الإمام ابن الجوزى أيضا فى زاد المسير والإمام الألوسى فى روح المعانى لكنهما مع جمهور المفسرين رجحوا الأول عليه فى تفسير مقصورات كما رجحوا التفسير الأول فى تفسير قاصرات قالوا قاصرات طرفها على زوجها مقصورات محبوسات أبدانهن فى الخيام فى القصور الحسان ليس هنا مقصورات قلوبهن أبصارهن فليس القصر معنويا إنما هو حسى وأنا أقول حمل كلام الله على ما يمكن حمله من المعانى أولى فهناك قلت قصرت طرفها على زوجها وقصرت طرف زوجها عليها وهنا قلت حبست بدنها فى بيتها كما أنها حبست نظرها وقلبها وبصرها فلا تتطلع ولا تفكر ولا تنظر إلى غير زوجها فما دام كلام الله يحتمل هذا وهذا وهو منقول فدائما تكثير المعانى يعنى أولى من أن نقللها والله جل وعلا كلامه كريم مبارك يحتمل كثرة المعانى الطيبة المباركة.
إخوتى الكرام: إذن قاصرات الطرف مقصورات فى الخيام فإذن قاصرات مقصورات اللفظ فيهما من القصر بمعنى الحبس وكما قلت حبس حسى وحبس معنوى فيه وفيها أما هو فأباح الله له أن يخرج فبقى القصر فى حقه فيما عدا ذلك وأما هى فلا تفارق ذلك المكان ولا تخرج منه ولا يراد من مقصورات وقاصرات القصر فى الخلقة فهذا لا يراد أبدا فهذا من صفات النقص فى خلقة المرأة إذا كانت قصيرة ولذلك قال بعض الشعراء:
وأنت التى حببت كل قصيرة ... إلى وما تدرى بذلك القصائر
عنيت قصيرات الحجال ولم أرد ... قصار الخطا شر النساء البحاتر
القصيرات التى تمشى مشيتها ضيقة صغيرة لأنها هى أيضا قصيرة فليس عندها خطوة واسعة إذن عنيت قصيرات الحجال يعنى المقصورة فى حجالها والحجال جمع حجلة وهى الغرفة المزينة غرفة العروس يقال لها حجال عنيت قصيرات الحجال ولم أرد قصار الخطا شر النساء البحاتر وقال قيس ابن الأسلد:
وتكسل عن جاراتها فيذرنها ... وتغفل عن أبياتهن فتعذر