للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله فاكهين فيها إشارة لطيفة كما قال أئمتنا فى كتب التفسير حاصلها أن الله أخبر عما يقدم إلى أهل الجنة بأنه فاكهة والمقصود منه التفكه مع أنه قدم لهم اللحم كما يقدم لهم الفاكهة فاكهين بما آتاهم ربهم ويقدم لهم ضمن الجنة نعم مختلفة الأنواع وليست كلها فاكهة لم أخبر الله جل وعلا عن جميع ما يقدم بأنه فاكهة قال لأن المقصود منه ليس المقصود من أكل الطعام فى الجنة حفظ البدن وقوت البدن وقوة البدن إنما يؤكل للتلذذ فقط كما تأكل أنت الفاكهة فى هذه الحياة فبعد أن تأكل وتشبع تأكل الفاكهة لم قوتا أو تلذذا؟ تلذذا جميع طعام أهل الجنة من لحم الطير وغيره كله حكمه حكم الفاكهة تماما يؤكل للتلذذ والتنعم لا لحفظ البدن من التلف فأبدانهم حفظها الله من التلف وصانها من الفناء فاكهين بما آتاهم ربهم ووقاهم ربهم عذاب الحجيم كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون متكئين على سرر مصفوفة وزوجناهم بحور بعين.

وهكذا يذكر الله نظير هذه الصفة أيضا مثل هذه الصفة فى سورة الواقعة فيقول جل وعلا فى أوائل السورة (والسابقون والسابقون أولئك المقربون فى جنات النعيم ثلة من الأولين وقليل من الآخرين على سرر موضونة) الموضونة هى المنسوجة منسوجة بخيوط الذهب والفضة على سرر موضونة منسوجة قضبانها ذهب وفضة على سرر موضونة فليست السرر كسرر هذه الحياة إما من خشب وإما من حديد وإما بعد ذلك من هزازات يعنى بعد فترة تراها نزلت من هنا أو من هناك على سرر موضونة منسوجة كما قلت بقضبان الذهب والفضة متكئين عليها متقابلين يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين لا يصدعون عنها ولا ينزفون وفاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون ومحل الشاهد وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون جزاء بما كانوا يعملون وحور عين.