وقد أشار الحافظ في الفتح (٧/٢١٦) إلى هذا عند هذه الجملة من الحديث: "هذا من أقوى ما استدل به على أن الله كلم نبيه صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء والمعراج بغير واسطة".
إن قيل: من أين علمنا أن هذا التكليم كان من غير واسطة؟
الجواب: من لفظ الحديث [أمضيت فريضتي] ، ولو أن الملك هو الذي بلغه لقال أمضى الله فريضته يا محمد [خففت عن عبادي] هذا كلام من؟ إنه كلام الله، هذا كما يفعل ربنا كل ليلة حين ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول:[من يدعوني فاستجب له، ومن يسألني فأعطيه ومن يستغفرني فأغفر له] والحديث متواتر، فجاء المؤولة وقالوا: معنى [ينزل ربنا] أي ينزل ملكه ونقول لهم: لو نزل الملك فهل يجوز أن يقول من يدعوني فأستجب له، ومن يسألني فأعطيه، ومن يستغفرني فأغفر له بل لو نزل أعلى الملائكة لما جاز له أن يقول هذا الكلام، لكن يقول لو كان الملك الذي ينزل – من يدعو الله فيستجيب له ... وهكذا.
وهنا لفظ الحديث يدل على أن المتكلم هو الله سبحانه وتعالى إذ لا يصح أن يتكلم بهذه الصيغة غير الله جل وعلا.
وقال الإمام ابن القيم في زاد المعاد في هدي خير العباد (١/٨٠) – وهذا الكتاب لا ينبغي أن يخلو منه بيت مسلم وهو في خمس مجلدات وهو كتاب نافع ضروري ضموه إلى ما ذكرناه سابقاً كتاب الأذكار ورياض الصالحين والتبيان في آداب جملة القرآن – يقول عند تعداد مراتب الوحي فذكر مرتبة ثامنة للوحي وهي آخر المراتب وهي خاصة بنبينا عليه الصلاة والسلام ولم تحصل لغيره: "زاد بعضهم مرتبة ثامنة وهي تكليم الله لنبيه عليه الصلاة والسلام كفاحاً (أي من غير حجاب) على مذهب من يقول إنه رأى ربه، وهي مسألة خلاف بين السلف والخلف".