ولذلك قال الله تعالى في الآية الأولى:{مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا}[الإسراء: ١٥]، فجاءت الآية فيمن اهتدى وفيمن ضل مجيئا واحدا.
وقسم سبحانه في الآية الثانية أهل العمل المستنسخ إلى مؤمنين وكفار، وذكر مآل الفريقين في الآخرة.
والكتاب المذكور في الآيتين ليس هو عندنا الكتاب الذي يؤخذ باليمين أو بالشمال حسبما ذكره عز وجل في قوله:{فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ}[الحاقة: ١٩]، {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ}[الحاقة: ٢٥]، كما يظهر من كلام ابن حزم، بل هما كتابان:
فالأول منهما: هو كتاب العمل المستنسخ.
والثاني: هو الكتاب المفرق بين أهل السعادة من المؤمنين المطيعين والعصاة، وبين أهل الشقاوة من الكفار والمنافقين، وهو الذي يعطى للفريقين أمارة على السعادة المطلقة والشقاوة المطلقة، وذلك بعد الوقوف على كتاب العمل والمحاسبة به للصنفين جميعا.
وهذا المعنى لم نر لغيرنا فيه شيئا والذي قلناه في ذلك هو الذي ظهر لنا فيه، والله (ق.٢٧.ب) أعلم بالصواب.
وأما قوله:(ووجدنا الناس يوم القيامة ثلاثة أضرب لا رابع لهم، إما مؤمنين فائزين لا يعذبون وإما مؤمنين معذبين بكبائرهم الراجحة بحسناتهم، ثم لهم الجنة، وإما كفارا مخلدين في النار) فهو قول صحيح في نفسه، ومقصوده