ونحن نتكلم على المذهبين جميعا ونبين الصحيح منها بحول الله فنقول: أما من خصص قوله - عليه السلام -: «كل مولود يولد على الفطرة» بأن يكون ذلك في بعض الأطفال دون بعض، فيلزمه أن يكون قوله:«يولد على الفطرة» في موضع الصفة لمولود، ويكون قوله:«فأبواه يهودانه»، في موضع الخبر لقوله:«كل مولود».
وأما من عمم فيجعل قوله:«يولد على الفطرة» خبرا لكل، ويكون «فأبواه يهودانه» جملة أخرى من مبتدأ وخبر، معطوفة على الجملة الأولى.
وهذا القول أحسن من جهة (ق.١٣٦.أ) اللفظ والمعنى, أما اللفظ فليس فيه تكلف في العربية كما في الأول، فإن دخول الفاء في خبر المبتدأ قلق عند النحاة، إلا فيما كان فيه الإبهام والشرط، مثل هذا الحديث فيجوز عندهم.
وأما المعنى فليس فيه اعتراض، إذ القول بعموم الحديث موافق لآية عهد الذر، وموافق أيضا للآية المتقدمة في قوله تعالى:{فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} ... [الروم: ٣٠].