للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(معنى {إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً}) (١)

ونرجع إلى تفهم الآية، فنقول: وفيها: {إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً} ... [الانشقاق: ١٣]، وهذا على وجه الذم له، لأنه لا يكون مسرورا في الدنيا إلا بأن يعتقد أن ليس بعد الموت حساب ولا عقاب، فبذلك يتم سروره.

وأما من اعتقد أن الله تعالى (٢) يحييه بعد الموت ويحاسبه على أعماله، ثم يجازيه عليها بالثواب أو بالعقاب فلا يكون في الدنيا مسرورا إلا في أوقات الغفلة، فمتى تذكر رجع إلى حالة الإشفاق والخوف، وهذا هو سبيل المؤمنين بأجمعهم، ولهذا أخبر الله تعالى عن أهل الجنة بأنهم قالوا فيها: {إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ} ... [الطور: ٢٦].

وقال عز اسمه: {فَأَمَّا مَنْ طَغَى وَآَثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات: ٣٧ - ٤١].

فأخبر أن في الخلق من يطغى ومن يخاف مقام ربه، فمن خاف مقام ربه منعه ذلك من السرور في الدنيا، ومن طغى وآثر الحياة الدنيا فلا محالة أنه يكون مسرورا بحاله.


(١) هذا العنوان زيادة مني.
(٢) ليست في (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>