للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن هاهنا وقع الذم على ذلك السرور.

لأن السرور يلزم فيه أن لا يعتري صاحبه خوف ولا حزن، ولا يكون ذلك في الدنيا إلا لمن ينكر البعث، وأما في الآخرة فيكون فيها السرور المطلق الذي لا يشوبه هم ولا حزن أصلا، ولذلك قال الله تعالى فيمن يأخذ كتابه بيمينه وينقلب إلى أهله مسرورا معناه ينقلب إلى أهله في الجنة مسرورا بعمله وبأهله وبثوابه (ق.٣٥.أ) فكان ذلك السرور محمودا من وجهين:

- أحدهما: إنه ترتب على حالة الإشفاق الذي (١) كان يلزم صاحبه في الدنيا.

- والثاني: فرحه بمعاينة ثوابه ودخوله جنة ربه.

كما أن ذلك السرور الثاني مذموم من وجهين:

- أحدهما: كون صاحبه لاهيا به عن ربه في الدنيا لعدم إيمانه بالبعث.

- والثاني: إن ذلك السرور قاده إلى العذاب بالنار في الآخرة، ولذلك جاء عن النبي - عليه السلام - أن الله تعالى قال: «وعزتي وجلالي لا أجمع على عبدي خوفين ولا أمنين، فإذا أمنني في الدنيا أخفته في الآخرة، وإذا خافني في الدنيا أمنته في الآخرة»، أو كما قال (٢):


(١) في (ب): والذي.
(٢) رواه ابن حبان (٦٤٠) والبيهقي في الشعب (٧٧٧) عن أبي هريرة بسند حسن.
وله شاهد عن شداد بن أوس عند الطبراني في مسند الشاميين (٤٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>