للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال (ق.٣٨.أ) الله تعالى: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} [الزخرف: ٤] والضمير في "إنه" للقرآن (١) المتقدم الذكر في الآية التي قبلها، وذلك كقوله في آية أخرى: {إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ} ... [الواقعة: ٧٧ - ٧٨].

وأما قوله تعالى: {تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: ٨٩] فمسلم (٢) كون القرآن هو المقصود به، فإن الله تعالى قال: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل: ٨٩].

ومعنى قوله: {تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: ٨٩] أي تبيانا لكل شيء تعبدنا به، والمقصود بذلك أن الأصول التي تعبدنا بها من الأحكام مذكورة في القرآن، وليس المراد أن في القرآن تفسير كل شيء حتى لا يحتاج إلى بيان فيه، فإن النبي - عليه السلام - هو المأمور بتفسير ذلك للأمة وتبيينه لها.

قال الله تعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤].

وقد فعل ذلك - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فإنه بين لأمته من الشرع ما لم يتول الله تعالى تبيانه في القرآن العزيز، مثل أفعال الصلاة ومقادير الزكاة وأركان الحج، وغير ذلك مما تلقته الأمة منه - عليه السلام - في الشريعة قولا وفعلا.

وبهذا بعينه نرد على من يقول: إن الكتاب المذكور في قوله تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: ٣٦] هو القرآن، إذ لو كان كذلك لكان


(١) في (ب): القرآن.
(٢) في (ب): فيسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>