للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك إليك».

والجواب: أن السؤال من الله تعالى إنما يبيحه فيما تمكن الإجابة فيه والإسعاف في طلبه.

ونبينا - عليه السلام - عندما كان يسأل الشفاعة في المرات المتقدمة يجاب إلى ما سأل ويُعطى ما طلب، إذ جعل سؤاله في مظانه.

فلما سأل هذه المرة الأخيرة وهو - عليه السلام - معتقد أن ذلك من جنس ما سأل فيه قبل لم يجب إليه، إذ لم يصادف موضعا للسؤال ولا محلا للشفاعة، من حيث إن الله تعالى استأثر بخروج قوم مخصوصين من النار، ومن يستأثر الله بخروجهم لا يجعل لأحد من خلقه سبيلا إليهم.

فلما سأل النبي - عليه السلام - فيهم قيل له ليس ذلك لك، وكان في حين سؤاله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غير عالم بأن المسؤول فيهم يستأثر الله بإخراجهم، حتى أعلمه تعالى بذلك بعد سؤاله، ولو أجيب النبي - عليه السلام - إلى ما أراد وشفع في من طلب لم يبق لله تعالى صنف يخرجهم من غير شفاعة، إذ لا يبقى بعد هذا الصنف الأخير في النار إلا الكفار المخلدون فيها.

وقد ذكر النبي - عليه السلام - في حديث أبي سعيد عن الله تعالى أنه قال: «شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون، ولم يبق إلا أرحم الراحمين فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط». (١)


(١) خرجه من هذا الوجه مسلم (١٨٣) وأحمد (٣/ ٩٤) والحاكم (٣/ ٩٤) والطيالسي (٢١٧٩) عن أبي سعيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>