والذي يقطع بالحميدي (ق.٥٣.أ) في هذا الفصل ويرد عليه الرد المتمكن أن يقال له: ومن أين لك أن أهل مقدار الشعيرة إذا أخرجوا معا، وأن أهل مقدار الذرة إذا أخرجوا معا قد استُوفي منهم القصاص حتى تُرتب عليه دخول البعض قبل البعض، ونحن نعلم أنهم إنما خرجوا بالشفاعة.
ولو قدرنا ارتفاع الشفاعة في الوقت الذي خرجوا فيه، لكان بقاؤهم في النار وخروجهم منها في الإمكان على حد سواء، وإذا أمكن بقاؤهم في النار فهم إذاً لم يُستوف منهم القصاص.
إذ لو استُوفي منهم القصاص لأخرجوا ولابد، بعد أن نقدر انتفاء الشفاعة.
فإذا كان عدم استيفاء القصاص منهم ممكنا فلا فرق بين أن يقع ذلك في جميعهم أو يقع في بعضهم ممن هو أكثر شرا.
ونحن مع ذلك نقول: إن الشفاعة إنما تتحقق في من لم يُستوف منه القصاص، إذ القول بأنها إنما تكون في من استُوفي منه القصاص إبطال لحقيقتها كما هو لازم للحميدي، وسيأتي ذكر ذلك في موضعه.