قال: ثم نظرنا في كثير الخير كثير الشر مع قليل الخير كثير الشر فوجدناهما متفقين في كثرة الشر مختلفين في قلة الخير وكثرته، فالأكثر خيرا مقدم في دخول النار على القليل الخير، ليتم القصاص منه قبل تمام القصاص من الآخر، ويخرج من النار لكثرة خيره قبل خروج الأقل خيرا ولابد.
والوجه الآخر وهو أن يدخلا النار معا ويزاد في عذاب الأكثر خيرا ويهون على الآخر، ليتم القصاص من الأكثر خيرا قبل تمام القصاص من الآخر، ليخرج قبله ولابد لكثرة خيره عليه.
فصل
ما قاله الحميدي في هذا الفصل صحيح على مذهبه، ونحن قد قدمنا أن من هو كثير الخير كثير الشر هو ممن استوت حسناته وسيئاته فلا يصح تنظيره مع من هو قليل الخير كثير الشر.
ولو فرضنا أن القسمين يعذبان في النار لم نقل إن عذابهما واحد، لأن القليل الخير إذا سقط خيره بما يوازيه من الشر يبقى له من الشر فضلة يستوجب بها العقاب، وليس كذلك من هو كثير (ق.٥٤.ب) الخير كثير الشر، لأنه في الموازنة لا يبقى له من الشر فضلة لكثرة خيره (١).