للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن مقتضى كلامه أن من رجحت حسناته على سيئاته، ومن استوت حسناته وسيئاته، ومن رجحت سيئاته على حسناته، ومن لم يعمل خيرا قط غير اعتقاد الإسلام، فهم سواء في الجملة، وإن فرضنا القصاص في بعضهم.

وكيف يصح هذا القول والله تعالى يقول: {وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا} [الأنبياء: ٤٧] ويقول سبحانه: {إنَّ اللهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} [النساء: ٤٠]، ولا ظلم أشد من أن يجعل الحميدي من تلبس بالطاعات مع من لم يتلبس بها سواء، ومن كانت طاعاته أكثر من طاعات غيره سواء أيضا في الثواب.

ثم نقول: إن هذا الفرض الذي فرض في هذه الأربعة الأقسام بعيد الوقوع جدا، فإنه فرض أن لا يبقى لجميعهم حاشى التصديق والنطق به مرة واحدة، ولو سامحناه في ذلك لم يتجه أن يكون تصديق من تلبس بالطاعات حتى لم يفضل له شر عليها، مع من تلبس بالطاعات وفضل له شر عليها سواء، وكذلك من تلبس بالطاعات وفضل له شر عليها مع من لم يتلبس بها أصلا وليس عنده إلا كلمة التوحيد، لا يكون تصديقهما سواء.

فإن التصديق والإيمان يتأكد بفعل الطاعات ويزداد تثبيتا وعقدا (١).

إذ ليس من عنده خير وتصديق كمن ليس عنده إلا التصديق (ق.٦١.أ)، لأن من ليس عنده إلا التصديق فهو مؤمن بحكم الشرع لاستصحاب إيمانه واستمرار تصديقه، وإن غفل عن ذلك (٢).


(١) ليس في (ب).
(٢) في (ب): وإن غفل عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>