للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتقدير الكلام: احمل فيها اثنين من كل زوجين وأهلك ومن آمن إلا من سبق عليه القول، أي: من أهلك، كما قال في آية أخرى: {وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ} [المؤمنون: ٢٧].

وهذا الوجه (في الآية) (١) متجه جدا.

ويحتمل على بعد أن يكون نوح يعلم أن الاستثناء راجع إلى أهله أي إلى أهل بيته في الجملة، وليس يعرف من سبق عليه القول منهم بعينه، وهو مرتقب أن يعيَّن له فيما بعد، وهذا على تقدير أن يكون نوح لا يعرف كفر ولده.

وعلى ما ذكرناه من التأويل في الوجهين لا يكون على نوح - عليه السلام - في سؤاله ما ليس له به علم دَرَكٌ، إلا بحسب مقامه كما قدمناه.

وحتى لو فرضنا أن نوحا يعرف كفر ولده لم يكن في سؤاله أيضا بأس، لأن ولده كان في قيد الحياة، ونوح - عليه السلام - يرجو إيمانه، وكان عنده أن أهله يحملهم معه في السفينة، وهو يظن أن ابنه من جملة أهله، ولذلك قال: {رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ} [هود: ٤٥]، يعني وعدك في ركوب أهلي معي.

وكأن نوحا - عليه السلام - إذا قدرنا هذا الذي فرضناه صحيحا إنما يريد هداية ابنه للإيمان، إذ استعصى أن يركب معه عندما قال: {سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء} [هود: ٤٣]، فسأل الله تعالى أن ينجيه ويهديه، إذ كان من أهله،


(١) ليست في (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>