وأهل هذا القسم مختلفون في العذاب اختلافا كثيرا بحسب شدة المعاصي وكثرتها فيكون عذاب الراهب منهم دون عذاب القاتل للنفوس الغاصب للأموال، لأن الراهب إنما يعذب على كفره فقط لا على إذايته للناس لأنه بمعزل عن ذلك.
والقاتل يعذب على قتله وغصبه زائدا على عذاب كفره، قال الله تعالى:{الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللهِ زِدْنَاهُمْ عَذَاباً فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ}[النحل: ٨٨] فأخبر أنه زاد هؤلاء الكفار عذابا بإفسادهم وصدهم عن سبيل الله على العذاب الأصلي الذي يكون للكافر بمجرد الكفر، ولذلك ساق العذاب الثاني بالألف واللام التي للعهد.
والمجازاة هكذا لابد منها، فإن التخليد في النار إذا (١) كان شاملا لجميع الكفار على تباين أعمالهم فلا يبقى للفرق بين طبقاتهم إلا تضعيف العذاب أو شدته لمن هو أشد ذنبا وأعظم جرما، وتخفيفه على من هو في الجرائم دون ذلك.