أو رجحت حسناته على سيئاته بأن نقلت حسنات من ظلمه إلى صحيفته فرجحت بذلك، أو أخذ من سيئاته فطرحت على ظالمه فرجح له جانب الحسنات لذهاب تلك السيئات التي لو بقيت رجح جانبها على الحسنات.
فإذن لا نراعي في هذا القسم إلا أن يرجح جانب الحسنات بحسنة واحدة فما فوقها كان ذلك كيفما كان، فإذا حصل المقصود بذلك كان صاحبه من أهل الجنة من غير عقوبة أصلا.
وقد سمعنا بعض أهل العلم بالكلام في عصرنا يقول: إن من رجحت حسناته على سيئاته وفيها كبيرة أو كبائر فهو في المشيئة، إذ لله أن يعذبه على سيئة واحدة، إن أنفذ عليه الوعيد بها ويكون رجحان حسناته لرفع درجاته في الجنة بعد خروجه من النار، فناظرناه على ما قال، فأبى أن يرجع عن مذهبه فيه.
ونحن لا نرى ذلك، بل نقول على ما أصلناه قبل: إن من رجحت حسناته فهو غير معذب، وإذا لم يكن معذبا فهو في الجنة، ولا نقول إن ذلك على معنى الوجوب، فإن الله سبحانه لا يجب عليه شيء، وإنما هو لإخبار الله تعالى -وخبره صدق- بأن من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية، وإنه من المفلحين.
وقول القائل: إذ لله أن يعذب من ثقلت موازينه على سيئة واحدة إن أنفذ عليه الوعيد بها صحيح من جهة العقل، لكن لم يخبر الله تعالى عن من هذه صفته أنه يعذب، بل جعله في عيشة راضية، ولم يشترط في حقه ألا تكون عنده سيئات ولا كبائر، وإنما اشترط أن يثقل له الميزان فقط، فلا