قال الله تعالى:{إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} ... [النساء: ٤٨].
وإذا صح كونهم في المشيئة فينقسمون حينئذ: إلى من يعفو الله عنهم، وإلى من يقتص منهم، بحسب شرهم كما قلناه.
فأما من عفا الله عنه إثر الموازنة فيلتحق بالقسم الذي قبله في دخول الجنة من غير تعذيب ولا عقوبة أصلا.
وقد مضت قبل هذا أمثلة في العفو عن المذنبين من غير عقوبة حيث ذكرنا حديث القاتل للمائة، وحديث الذي أمر بإحراق جثته، وغيرهما من الأحاديث التي سقناها هنالك.
وأما من يقتص منه فيدخل النار وتكون عقوبته فيها بحسب معاصيه فيختلف أهل هذا القسم في شدة العذاب وكثرته، وفي قلة المكث فيه وطوله بسبب ذلك.
وأهل هذا القسم من جملة أصحاب اليمين كما ذكرناه في أول الكتاب بعد ذكر المقربين، وأعلى هذا القسم من فضلت له سيئة واحدة على حسناته التي ليس فيها الإيمان، وأدناهم من ليست له حسنة حاشى الإيمان الذي استحق به ترك (١) الخلود في النار.
فإن من دخل النار من أهل هذا القسم فلابد لهم بعد القصاص من الخروج منها والحلول في الجنة، لكن يكون بينهم وبين القسم الذي قبلهم بون بعيد يمتازون به في درجات الجنة.