وهذا القسم هم أيضا من أصحاب اليمين، وإذا كان القسم الذي قبله من جملة أصحاب اليمين، فأحرى أن يكون هذا القسم منهم، وقد ذكرنا ذلك في أول الكتاب.
وقولنا حتى يستقر أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار ثم يصرفون هم إلى الجنة، إنما عنينا بذلك الفراغ من الحساب وجواز الصراط والشرب من الحوض فيستقر حينئذ أهل الجنة الذين فضلت حسناتهم في الجنة، وأهل النار بجملتهم في النار، أعني المذنبين والكفار فيدخل حينئذ أهل الأعراف الجنة قبل حلول الشفاعة لمن في النار من المذنبين، ولم نعن بذلك أن يستقر جميع من يدخل الجنة على الإطلاق في الجنة وجميع من يبقى في النار على وجه التخليد في النار، وحينئذ يستقر أهل الأعراف في الجنة.
وإنما قلنا بذلك لوجهين:
أحدهما: إن أهل الأعراف لا عقاب عليهم كما قدمناه، والمذنبون الذين دخلوا النار إنما دخلوها على جهة العقوبة والمجازاة لهم على سيئاتهم، ولا محالة أن من لا عقاب عليه أفضل ممن عليه العقاب، فيقتضي العدل الإلاهي والجود الرباني دخول أهل الأعراف (ق.٦٩.ب) الجنة قبل دخول من يدخلها ممن خرج من النار بالشفاعة.
والثاني: إن الشرع قد أخبر بخروج المذنبين من النار على التدريج المذكور في الأحاديث، وأخبر أن الله تعالى برحمته يخرج خلقا من النار من غير شفاعة بعد إخراج جميع طبقات الشفاعة، ثم أخبر أن آخر من يدخل الجنة هو آخر من يخرج من النار، وأنه يمشي حبوا إلى باب الجنة على