للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

قد تقدم من كلامنا أن السؤال الذي فرضه الحميدي لازم له، وأما (١) نحن فلا يلزمنا، لأنا لا نقول: إن الجزاء واقع على كل دقيق وجليل من خير وشر، بل نصرف ذلك إلى إرادة الله تعالى ومشيئته، كما قال في كتابه العزيز: {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} [النساء: ٤٨] إن شاء سبحانه أن يجازي بعض المذنبين بكل دقيق وجليل فعل، وإن شاء أن يعفو عن بعضهم ابتداءا فعل، وإن شاء أن يعفو بعد دخول العبد النار دون أن يستوفي منه القصاص فعل.

وإذا كان الأمر هكذا فقد اندرأ السؤال، وكان فائدة الشفاعة إخراج المذنبين من النار (دفعة واحدة) (٢) استُوفي منهم القصاص أو لم يُستوف، بل إنما تتحقق الشفاعة فيمن لم يُستوف منه القصاص.

فإن قيل: فكان يلزم على هذا أن يخرج جميع المذنبين من النار دفعة واحدة.

قلنا: لو جاء ذلك في الحديث لكان له وجه، وإذا لم يرد ذلك وورد خروجهم على ذلك الترتيب فسيكون لأمرين:


(١) في (ب): وإنما.
(٢) من (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>