للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

هذا السؤال والاعتراض إنما يلزم الحميدي الذي يقول إن التصديق الذي هو الإيمان يوزن ويسقط بالمعاصي كما يسقط سائر الأعمال.

ونحن لا يلزمنا ذلك فإنا نقول: إن الإيمان لا يصح أن يوزن كما قررناه قبل، وإذا لم يوزن كان مراعاة المقادير بحسب قوته وضعفه.

والاعتراض صحيح على الحميدي ولم ينفصل عنه، فإن قوله في الجواب: (إنه بقي له أنه قد عمل خيرا) كلام غير صحيح، فأي خير بقي له وهو قد سقط بالشر على زعمه.

وإذا سقط فكيف تراعى له المقادير ولا ينجيه من ذلك قوله: (فتفضل الله عليهم بأن جعلهم عملوا خيرا وبأنهم تفاضلوا في ما عملوا من الخير سببا إلى قبول الشفاعة فيهم) لأن الذي تفضل الله عليهم به على مذهبه قد ذهب فلم يبق منه شيء إلا بالتوهم المحض، فلا معنى لتقدير مازال واضمحل.

ولو لم يكن على أن الإيمان لا يوزن دليل سوى هذا الاعتراض الذي اعترض به الحميدي على نفسه لكان كافيا، فكيف وقد قدمنا في ذلك بحمد الله ما فيه مقنع وشفاء.

وقول الحميدي: (كل ما ذكرنا فهو منطو بجملته في الحديث الذي صدرنا به وخارج منه نصا) ليس كذلك، فمتى كان في ذلك الحديث أن الأنبياء والكفار لا بد لهم من الموازنة، وأن الإيمان يوزن مع الأعمال، وأن

<<  <  ج: ص:  >  >>