للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن سلام: كانوا يدفنون بناتهم وهن أحياء خشية الفاقة ويقولون: إن الملائكة بنات الله، والله صاحب بنات، فألحقوا البنات به.

وقال الله تعالى: {وَيَجْعَلُونَ لِلّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُم مَّا يَشْتَهُونَ} [النحل: ٥٧]، أي: ويجعلون لأنفسهم ما يحبونه، وهم البنون، ثم قال: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ} [النحل: ٥٨]، أي: محزون، ولذلك يسود وجهه.

وقوله: {يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ} [النحل: ٥٩] معناه: يختفي من القوم من سوء تلك البشرى التي بشر بها في البنت التي ولدت له، ويتراءى مع نفسه فيما يفعل بها هل يتركها حية على ما في ذلك من احتمال الهوان في نفسه أو يدفنها في التراب ويقتلها.

ثم قال: {أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ} [النحل: ٥٩] أي: ما يحكمون في ذلك فهو حكم سيء، وكيف لا يكون حكما سيئا وهم يخالفون الله تعالى في مراده، فإن الله تعالى خلق الذكر والأنثى لبقاء النسل، فإذا قُتل أحد الصنفين وقُصد استئصاله انقطع النسل، فكان في ذلك فساد العالم.

ولهذا قال الله تعالى في فرعون: {إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [القصص: ٤] عندما كان يذبح أبناء بني إسرائيل ويستحيي نساءهم.

وقال تعالى: {وَيَجْعَلُونَ لِلّهِ مَا يَكْرَهُونَ} [النحل: ٦٢]، أي: يجعلون له (١)


(١) في (ب): لله.

<<  <  ج: ص:  >  >>