للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقم الحجة عليهم إلا بالمدينة، إذ كان النبي - عليه السلام - فيها بحال أمن وطمأنينة في الدعوة إلى الله.

وإذا تبين هذا بنينا عليه ما نحتاج فيما نحن بسبيله إليه فلنبسط ما ذكرناه , فنقول:

إن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانت له بعد المبعث حالتان: حالة بمكة قبل الهجرة، وحالة بالمدينة بعد الهجرة.

فأما الحالة الأولى إذ كان بمكة فهي على ما نصفه: كانت بينه وبين قومه قريش مباعدة كثيرة ومنافرة شديدة , لكنه احتمى منهم بعمه أبي طالب, (ق.١٠١.ب) ثم بعمه حمزة وبعمر بن الخطاب عندما أسلما, فلما لم تقدر قريش على أن تصل إليه بمكروه جعلت تكذبه وتنفر الناس عنه.

ذكر ابن إسحاق (١) أن الوليد بن المغيرة أخذ مع قريش عندما حضر الموسم فيما يقولون لسائر العرب عن النبي - عليه السلام - حتى لا يختلف قولهم فيؤخذ عليهم الكذب في أمره، فذكروا أنهم يقولون إنه كاهن وإنه شاعر وإنه ساحر، فقال لهم: ما أنتم بقائلين من هذا شيئا إلا عرف أنه باطل، وإن أقرب القول فيه لأن تقولوا: ساحر جاء بقول هو سحر, يفرق به بين المرء وأبيه وبين المرء وزوجه وبين المرء (٢) وعشيرته فتفرقوا عنه بذلك, فجعلوا يجلسون بسبل الناس حين قدموا الموسم لا يمر بهم أحد إلا حذروه إياه وذكروا له أمره، وكان هذا الفعل منهم في أوائل المبعث.


(١) السيرة النبوية (١/ ١٦٥) باختصار وتصرف.
(٢) ليس في (ب): وبين المرء.

<<  <  ج: ص:  >  >>