للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكر الله تعالى في كتابه العزيز كونهما في الغار حيث قال: {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا} [التوبة: ٤٠].

فأخبر سبحانه بأنهم أخرجوه من مكة، وأخبر بأنه - عليه السلام - كان يشجع صاحبه في الغار وينهاه عن الحزن ويخبره (١) بأن الله معهما، يعني بذلك أن الله يأخذ بأعين قريش عنهما عند اتباعهم لهما حتى (٢) لا يعثروا على موضعهما.

يدل على هذا التأويل أن أنس بن مالك روى عن أبي بكر قال: قلت للنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ونحن في الغار: لو أن أحدهم ينظر إلى قدميه لأبصرنا تحت قدميه, قال: «يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما» (٣).

وليس معنى قوله: {إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [التوبة: ٤٠] أنهم أخرجوه حقيقة بأن أزعجوه عن مكة حتى خرج منها جهارا، وإنما معناه أنهم اضطروه إلى الخروج بالتكذيب له والاستهزاء به والتتبع لأمره، وذلك هو معنى قوله - عليه السلام - في الحديث المتقدم: «ولولا أن قومي أخرجوني منك ماخرجت».


(١) في (ب): ويخبر.
(٢) في (ب): على، وهو تصحيف.
(٣) رواه البخاري (٣٤٥٣ - ٣٧٠٧ - ٤٣٨٦) ومسلم (٢٣٨١) والترمذي (٣٠٩٦) وأحمد (١/ ٤) وابن حبان (٦٢٧٨ - ٦٨٦٩) وابن أبي شيبة (٨/ ٤٥٩) والبزار (٣٦) وأبو يعلى (٦٦) وغيرهم عن أنس عن أبي بكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>