والاستدلال بهذه الآية قوي، فإن النسيء المذكور فيها كان من أفعال الجاهلية على ما قدمناه، وقد أخبر سبحانه بأنه زيادة في الكفر وأن الكفار يضلون به في أنفسهم أو يضلون به غيرهم بحسب اختلاف القراءتين في الآية, وأخبر عنهم بأنهم يحلون ما حرم الله، وأنهم لا يراعون في ذلك نفس ما حرم الله من الأشهر، وإنما يراعون الموافقة لعدد الأشهر فقط، وأخبر أن ذلك زين لهم، وأنه من سوء أعمالهم.
فجمعت الآية للكفار المذكورين فيها بين زيادة الكفر وضلالهم به واختراع الأحكام ومخالفة الله تعالى في التحليل والتحريم، وهؤلاء الكفار الذين يضلون بالنسيء ليسوا الفاعلين له فقط، أعني الذين كانوا ينسؤون الشهور على العرب في الجاهلية، بل يندرج فيهم المنقادون لهم وهم الذين يدينون به ويعملون عليه في تحليل الأشهر وتحريمها من أول ما فعل إلى أن جاء الله بالإسلام.