ولكون ذلك لا يتصور إلا مع الإيمان ولم يكن منه إيمان أنزل الله تعالى على نبيه في حق أبي طالب:{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ}[القصص: ٥٦] , معناه أن الله تعالى يفعل ما يشاء في خلقه من هدي أو ضلال من غير اعتبار بمن يحب ذلك أو يكرهه.
وهذا المعنى قد ذكره - عليه السلام - لقريش وكرره عليهم, فإنه كان يقول عندما نزلت عليه:{وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}[الشعراء: ٢١٤]: «يا معشر قريش أنقذوا أنفسكم من النار لا أغني عنكم من الله شيئا، يا بني كعب بن لؤي أنقذوا أنفسكم من النار لا أغني عنكم من الله شيئا, ثم أخذ يذكر كذلك بطون قريش, إلى أن انتهى إلى فصيلته, فقال: يا بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار لا أغني عنكم من الله شيئا, ثم رجع إلى الأشخاص على التعيين فقال: يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئا, يا صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا, يا فاطمة بنت رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا». (١)
فهؤلاء هم أقرب القرابة إلى رسول الله، لاسيما فاطمة فهي أحبهم إليه, وقد قال لها كما قال لغيرها:«لا أغني عنك من الله شيئا».
(١) رواه البخاري (٢٦٠٢ - ٤٤٩٣) ومسلم (٢٠٦) والنسائي (٣٦٤٦ - ٣٦٤٧) وابن حبان (٦٥٤٩) والدارمي (٢٦٣٢) والبيهقي (٦/ ٢٨٠) والطحاوي (٣/ ٢٨٥ - ٤/ ٣٨٨) عن الزهري عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة.