النار لا تقتضيه قواعد الشرع, فإن النار لا تدخل إلا جزاء على الكفر والمعاصي, قال الله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ قَالُوا أَوَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى} [غافر: ٤٩].
وقال تعالى عن أهل النار: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا} [الملك: ٨].
فأخبر عن أهل النار بأن التكذيب كان صفتهم في الدنيا, وهكذا قال: {لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى} [الليل: ١٥].
والأصناف الأربعة لا يتصور منهم التكذيب:
أما الصنفان منهم, وهم هذا القسم من أهل الفترة, ومن لم (ق.١٢٠.ب) تبلغه الدعوة فليس عندهم بما يكذبون أصلا لعدم النذارة فيهم.
وأما الصنفان الباقيان وهم: المجانين والأطفال فليس عندهم عقل يفهمون به لا تكذيبا ولا تصديقا, فقد سقط عنهم جميعا الخطاب, وإذا سقط عنهم الخطاب فلا يصح تعذيبهم على ما تقرر قبل.
فإذا ثبت أن الأصناف المذكورين لا يعذبون صح أنهم لا يدخلون النار, إذ هي محل العذاب, وإذا لم يدخلوا النار, ولا دار بعدها إلا الجنة صح أنهم يدخلون الجنة.
ولا نقول إن ذلك على جهة الثواب, فإن الثواب إنما هو جزاء على الإيمان والطاعة, وهؤلاء غير متصفين بذلك, وإنما دخولهم الجنة على وجه التفضل المحض.