للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا دية على من قتلهم، لكونهم أولاد من لا قود ولا دية في قتلهم لكفرهم، قال ذلك: ابن عبد البر (١) وغيره، وهو كذلك.

ولهذا أردف الزهري الراوي للحديث عليه: نهى النبي - عليه السلام - عن قتل النساء والولدان بعد ذلك.

واحتجوا أيضا بحديث سلمة بن يزيد الجعفي عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال له: (يا رسول الله) (٢) إن أمنا وأدت أختا لنا في الجاهلية لم تبلغ الحِنْث فهل ذلك نافع أختنا، فقال - عليه السلام -: «الوائدة والموءودة في النار إلا أن تدرك الوائدة الإسلام فيغفر لها» (٣).


(١) التمهيد (١٨/ ١٢١).
(٢) ليس في (ب).
(٣) رواه أحمد (٣/ ٤٧٨) والطبراني في الكبير (٧/ ٣٩) والبخاري في التاريخ (٤/ ٧٢) وابن عبد البر في التمهيد (١٨/ ١١٩) من طريق داود بن أبي هند عن الشعبي عن علقمة عن سلمة بن يزيد الجعفي.
قال ابن كثير في التفسير (٣/ ٣٢): وهذا إسناد حسن.
قلت: لكن يعكر على هذا ما ذكره الدارقطني من الاضطراب في هذه الرواية كما سنذكره عنه بعد قليل.

ورواه أبو داود (٤٧٤٧) وابن حبان (١٦/ ٥٢٢) والبزار (٥/ ٣٦) والبخاري في التاريخ (٤/ ٧٢) من طريق ابن أبي زائدة قال حدثني أبي عن عامر مرسلا عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قال ابن أبي زائدة قال أبي فحدثني أبو إسحاق أن الشعبي حدثه عن علقمة عن عبد الله. وكذا رواه من هذا الوجه الطبراني في الكبير (١٠/ ٩٣).
قلت: زكريا بن أبي زائدة سمع من السبيعي بعد اختلاطه.
فهذا الاضطراب منه، والله أعلم. ... =
= ورواه إسرائيل عن أبي إسحاق عن علقمة عن عبد الله قوله. خرجه البخاري في التاريخ (٤/ ٧٢).
ورواه شريك عن أبي إسحاق عن علقمة وأبي الأحوص عن ابن مسعود. خرجه البزار (٥/ ٤٢).
وشريك ضعيف.
ورواه محمد بن أبان عن عاصم عن زر عن عبد الله. خرجه البزار (٥/ ٢٢٠) والطبراني في الكبير (١٠/ ١٣٨) والشاشي (٢/ ١١٨).
ومحمد بن أبان لم يتميز لي من هو، والمعلق على علل الدارقطني جعله الكوفي الضعيف، والله أعلم.
وقد أطال الدارقطني في حكاية الخلاف فيه في العلل (٥/ ١٦٠) فقال: يرويه زكريا بن أبي زائدة عن الشعبي مرسلا عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال زكريا فحدثني أبو إسحاق أن الشعبي حدثه عن علقمة عن عبد الله.
قال ذلك مسروق بن المرزبان عن يحيى بن زكريا عن أبيه.
وهكذا رواه أبو إسحاق عن علقمة عن عبد الله.
وقال إسحاق الأزرق عن زكريا عن أبي إسحاق السبيعي مرسلا عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وقال زياد بن أيوب عن يحيى بن إسماعيل الواسطي عن يحيى بن زكريا عن أبيه عن الشعبي عن علقمة عن عبد الله عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وخالفه داود بن أبي هند.
واختلف عن داود فرواه حفص بن غياث عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن علقمة قال حدثني ابنا مليكة عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولم يذكر ابن مسعود.
وخالفه معتمر بن سليمان وابن أبي عدي والخليل بن موسى فرووه عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن علقمة عن سلمة بن يزيد الجعفي وهو أحد ابني مليكة عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولم يذكروا ابن مسعود.
ورواه إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن ابني مليكة، ولم يذكر علقمة ولا ابن مسعود.
ورواه أبو اليقظان عثمان بن عمير، واختلف عنه فرواه سعيد بن زيد أخو حماد بن زيد عن علي ابن الحكم عن أبي اليقظان عن إبراهيم عن علقمة والأسود عن عبد الله بن مسعود قال جاء ابنا مليكة إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. ... =
= وخالفه الصعق بن حزن فرواه عن أبي اليقظان عثمان بن عمير عن أبي وائل عن عبد الله.
وروى هذا الحديث أبو إسحاق السبيعي، وقد اختلف عنه:
فرواه شريك عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص وعلقمة عن عبد الله.
ورواه إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله.
وروى هذا الحديث أيضا عاصم عن زر عن عبد الله حدث به محمد بن أبان الجعفي عن عاصم. انتهى.
وقال أبو عمر بن عبد البر في التمهيد (١٨/ ١٢٠) بعد أن ساقه من طريق داود بن أبي هند المتقدم: ليس لهذا الحديث إسناد أقوى وأحسن من هذا الإسناد.
ورواه جماعة عن الشعبي كما رواه داود.
وقد رواه أبو إسحاق عن علقمة كما رواه الشعبي.
وهو حديث صحيح من جهة الإسناد، إلا أنه محتمل أن يكون خرج على جواب السائل في عين مقصودة فكانت الإشارة إليها، والله أعلم.
وهذا أولى ما حمل عليه هذا الحديث لمعارضة الآثار له، وعلى هذا يصح معناه والله المستعان. انتهى.
والحاصل مما تقدم أن الحديث في أسانيده مقال وأصح طرقه طريق دواد بن أبي هند عن الشعبي عن علقمة عن سلمة وقد صححها ابن عبد البر، وحسنها ابن كثير.
لكن حكى الدارقطني فيها اضطرابا تقدم.
زد عليه النكارة الظاهرة في لفظه، وهو تعذيب من لم يعمل ما يوجب العذاب، وهو خلاف العدل الإلاهي وخلاف الأحاديث الصحيحة.
وعلى فرض صحة هذه الطريق، فهي لا تقاوم الأحاديث الصحيحة الصريحة في الباب.
والنظر في الأسانيد من دون اعتبار نكارة المتن منهج غريب عن حفاظ الحديث المتقدمين.
وكم من سند رواه جبال الحفظ، وقال فيه مثل أبي حاتم وأبي زرعة وأحمد: منكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>